هارون الرشيد 149 - 193 هـ / 766 - 809 م
هارون الرشيد بن محمد المهدي بن المنصور العباسي أبو جعفر.
خامس خلفاء الدولة العباسية في العراق، وأشهرهم، ولد بالريّ، لما كان أبوه أميراً عليها وعلى خراسان، ونشأ في دار الخلافة ببغداد.
وولاه أبوه غزو الروم في القسطنطينية، فصالحته الملكة إيريني، وافتدت منه مملكتها، بسبعين ألف دينار تبعث بها إلى خزانة الخليفة في كل عام.
وبويع بالخلافة بعد وفاة أخيه الهادي (سنة 170هـ) فقام بأعبائها، وازدهرت الدولة في أيامه واتصلت المودة بينه وبين ملك فرنسا شارلمان فكانا يتهاديان التحف والهدايا.
وكان الرشيد عالماً بالأدب وأخبار العرب والحديث والفقه، فصيحاً، له شعر أورد صاحب الديارات نماذج منه.
وله محاضرات مع علماء عصره، شجاعاً كثير الغزوات، يلقب بجبّار بني العباس، حازماً كريماً متواضعاً، يحج سنة ويغزو سنة، لم ير خليفة أجود منه.
كان يطوف أكثر الليالي متخفياً، لم يجتمع على باب خليفة من العلماء والشعراء والكتاب والندماء كما اجتمع له بابه.
دامت ولايته 23 سنة وشهران وأيام.
توفي في (سناباذ) من قرى طوس، وبها قبره..
من شعره :
أَمَا يَكْلفيكِ أنَّكِ تَمْلِكيني
وأَنَّ الناسَ كلَّهُمُ عَبيدي
وأنَّكِ لو قَطَعْتِ يَدِي ورِجْلي
لَقُلْتُ مِنَ الهوى أَحْسَنْتِ زِيدي
ولهُ:
تُبْدي صُدوداُ وتُخْفي تَحْتَه مِقَةً
فالنَّفْسُ راضِيةٌ والطَّرْفُ غَضْبانُ
يا من وَضَعْتُ لَهُ خَدِّي فَذَلَّلهُ
وَلَيْس فَوْقي سِوى الرَّحمنِ سُلْطانُ
ولهُ:
صَدَّ عَنِّي إِذْ رآني مُفْتَتَنْ
وأَطالَ الصَّبْرَ لَمّأ أَنْ فَطَنْ
كانَ مَمْلوكي فأَضْحَى مَالِكِي
إنّ هذا مِنْ أعاجِيبِ الزَّمَنْ
ولهُ:
ملكتُ من أصبحَ لي مالكاً
لكنّهُ في ملكِهِ ظالمُ
لو شئتُ لاستاقَتْهُ لي قُدرةٌ
لكنَّ حكمَ الحُبِّ لي لازمُ
أحببتُهُ من بينِ هذا الورى
وَهْوَ بحبّي خَبِرٌ عالِمُ
قَبيحُ فِعلٍ حَسَنٌ وجهُهُ
يُعذَر في أمثالِهِ اللائمُ
أحسنُ مَن أَبصَرَهُ مُبصرٌ
لو أنّه في حُسنِهِ راحمُ
ولهُ:
أهدى الحبيبُ مع الجنوب سلامَهُ
فاردُهْ عليهِ مِنَ الشِّمالِ سَلاما
واعْرِفْ بقلبِكَ ما تَضَمَّنَ قلبُهُ
وتداولا بهواكما الأياما
فإذا بكيتَ له فأَيقِنْ أنَّه
سيُفيضُ منهُ للدموعِ سِجاما
فاحبسْ دموعَكَ رحمةً بدموعِهِ
إن كنتَ تَحفظُ أو تَحوطُ ذماما
ولهُ:
وتنالُ مِنْكَ بِحَدّ مُقْلَتِها
ما لا يَنالُ بِحَدِّهِ النَّصْلُ
شَغَلَتْكَ وهْيَ لِكُلِّ ذي بَصَرٍ
لاقى مَحاسِنَ وَجْهِها شُغْلُ
فَلِقَلْبِها حِلْمٌ يُباعِدُها
عن ذي الهَوى وَلِطَرْفِها جَهْلُ
وإذا نَظَرْتَ إلى مَحاسِنها
فَلِكُلِّ مَوْضِعِ نَظْرَةٍ قَتْلُ
ولِوَجْهها مِنْ وَجْهِها قَمَرٌ
ولِعَيْنِها مِنْ عَيْنِها كُحْلُ
من خلال أطلاعي على شعره ، تبين لي أن هارون الرشيد عاشقا متيما ولهان ، ناهيكم عن عذوبة الكلمات وبلاغة المعنى ، بهرت ببيته الشعري:
أَلا يا أَميرَ المُؤمنين أَمَا تَرى فَدَيْتُكَ هُجرانَ الحبيبِ كبيرا
يخاطبُ نفسه ، حيث أنهُ صورَ معاناته من الهجر والصدود، فلا بد أن نسلط الضوءثانيةً على هذا السلطان العاشق!!
شكري وتقديري
محمد العيسوى[/size]